سلة التسوق الخاصة بك فارغة الآن.
نسعى هذه الدراسة لفهم النص الدارويني داخل متنه كمشروع بيولوجي وإناسي؛ في إطار تاريخية إنتاج المفاهيم العلمية، حيث يعتبر تطور"البراديكم" المؤسس لكل العلوم البيولوجية. ذلك أن ولادة هذا المفهوم كانت ولادة عسيرة وطويلة، خاصة مع داروين المؤسس الفعلي للنظرية. إذ معه سيصبح التفكير في الظاهرة التطورية قضية علمية، بالمعنى الفلسفي والإبستمولوجي، وذلك ما سيدشنه الزوج "اصطفاء طبيعي- اصطفاء ثقافي". إن هذا الزوج المفاهيمي سيكون نقلة نوعية في "بيولوجية التطور"، وذلك ضداً على بادئ الرأي، وضداً على كل الصيغ الأيدولوجية في الفهم والمعنى والتأويل.
فدائماً ما شاع الاعتقاد بأن تطورية داروين هي تطورية ملحدة ودائماً ما قرأ المعارضون "الإيمانيون" بيولوجيا التطور من مصادر بعيدة وغريبة."أيدولوجية نضالية" اشتغل الفكر العربي النهضوي عليها رداً على الفكر الدارويني لا كدراسة مستقلة تنظر إلى الأصل بدأ من اهتمام العرب في ترجمة أصل مؤلفات داروين في الثمانينات؛ من شبلي الشميل (فلسفة النشوء والارتقاء) مروراً بسلامة موسى (نظرية التطور وأصل الإنسان) واسماعيل مظهر (أصل الأنواع)، و الدكتور الفاضل مجدي محمود المليجي (نشأة الإنسان والانتقاء الجنسي) لا كتأليف علمي ينبغي فهمه واستيعابه داخل متنه، أو نقد بيولوجي لأهم اطروحاته، حيث لم يستوعب داروين حينها ولم يعرف مشروعه في الفضاء العربي الفكري والثقافي إلا مؤخراً
أهمية هذا الكتاب في إدخال خطاب في التطورية لم يكن متداولاً لدى الجماعة العلمية إلا من زاويتين، إما سبق التكوين وإما التحولية اللاماركية، كذلك يطرح الكاتب تفسير وتأويل لظاهرة التطور، ستغير وتبدل جذرياً الخطاب المتداول حول التطورية، بل ستدفع هذا الخطاب إلى إنشاء معجمية جديدة حول مفاهيم جديدة، كالاصطفاء والتغيارت، والوراثة، .....الخ
إن هذا الخطاب الجديد هو ما كان للعقل النهضوي العربي أن يفهمه وينصت إليه لا من حيث أن نظرية التطور في منطقها وتاريخها هي داروين وداروين وحده، بل لأن المساهمة الداروينية بلإضافة إلى أنها فعل تأسيس في العلوم البيولوجية هي كذلك خطاب جديد في بيولوجيا التطور.