سلة التسوق الخاصة بك فارغة الآن.
ليس بمستغرب أن نكتب عن الشعر الغنائي، وعن الغناء في الكويت. فإن ذلك من صميم التراث الشعري الذي نحرص على أن يبقى في الأذهان عن طريق توثيقه ما أمكننا ذلك. وليس الشعر النبطي إلا من أنواع الشعر العربي الذي احتوى كثيراً من الأمور التي تصور المجتمع وتتحدث عن أهل البلاد، وما طرأ عليها من أحداث. وهو وإن لم يكتب باللغة العربية الفصحى، فهو مكتوب بأسلوب فني، بحيث ترقى قصائده إلى ذلك المستوى العالي الذي ارتقت إليه القصائد العربية التي وصلت إلينا من متقدمي الشعراء العرب، ولقد سبق أن قدمنا مقارنة بين قصيدتين إحداهما فصحى قالها الشاعر لبيد بن ربيعة العامري ومطلعها:
عفــــت الديـــــار مَحَلُّهَا فَمُقَامها بمنى تأبدَّ غولها فرجامـــــها
وقصيدة أخری نبطية قالها الشاعر عبد الله الفرج، ومطلعها:
هل الدار إلَّا خافيات ارسومها وهل شاخص في الحي إلَّا ارسومها
ونشرنا ذلك في المجلد رقم 4 ص 477 من كتابنا «الأزمنة والأمكنة» وكانت مقارنة مهمة، لو اطلع عليها مطلع لوجد أن المستوى الفني للشعر النبطي هو المستويات العالية، وهو معبر أصدق تعبير عن الحياة وعن الطبيعة، وعن الإنسان.
ولا مجال إلى مزيد من المقارنات، ولكننا نكتفي بأن نقول: إن للشعر النبطي شعراء فحول، لهم شعر رائق سامي المعاني، ولهم دواوين أكثرها مطبوع، وهم لا يقلون في مستوى التعبير عن أولئك الشعراء الفصحاء. ولكن إجلالنا للغتنا العربية الفصحى هو الذي يجعلنا نقدم هؤلاء عن غيرهم.
ولم يكن الغناء – أيضا – من الأمور التي تُعاب الكتابة عنها، ففي التاريخ العربي - وعلى الأخص منه المتأخر - ذكر لكثير من المغنين والشعراء الذين كتبوا لهم. ويكفي أن نطلع على كتاب الأغاني للأصفهاني، ذلك الكتاب الضخم الذي خصصه مؤلفه للغناء، وكان يطلق على كل أغنية اسم: صوت. وهو الاسم الذي درج عندنا في الغناء الكويتي. وذلك ما توصل إليه الباحث في الموسيقى الأستاذ أحمد علي.
إننا في هذا الكتاب نتحدث عن مجموعة شعرية صدرت للشاعر الشعبي الكويتي فهد بورسلي. وكان صدورها في سنة 1952 م في كتیب صغیر طبع في مصر، وضم فرعين رئيسيين من فروع الغناء مما كتبه هذا الشاعر . الفرع الأول هو السامريات، والفرع الثاني هو الفنون، ولذلك فقد سمی مجموعته هذه: السامريات والفنون، ولما كان هذا الكُتَيِّب قد نفد، ومن الصعب الحصول على نسخة منه، فقد وجدنا أن من المهم أن نقدمه من جديد مع ما يلزم من تصحيحات، ومقدمات، وإضافات لا إلى الأشعار، ولكن إلى الشروح .