هذا كتاب يروي بعض الأحداث التي جرت في الكويت في سنة 1950م . وهي سنة فارقة في تاريخ البلاد ، في رأسها توفي الشيخ أحمد الجابر الصباح ، ثم تولى الحكم من بعده الشيخ عبدالله السالم الصباح . ودخلت الكويت في طور جديد من أطوار حياتها تحت ظل أمير له تطلعاته ، وله رغباته في العمل على رفعة البلاد ، ساعدته على ذلك الوفرة المالية التي أتاحتها آبار النفط التي بدأت تتدفق بهذا السائل الثمين ، وهدوء الأحوال في العالم، والقدرة الفائقة على تصدير ما تنتجه البلاد من النفط . لقد سار الشيخ أحمد الجابر الصباح في البلاد سيرة الربان الماهر وتخطی الكثير من العقبات حتى سلم القيادة لأمير البلاد الجديد بعد أن استقرت الأمور نسبيا ، وتوافرت الإمكانية التي بها يمكن السير - في اضطراد- نحو مستقبل أفضل ، ولم نلبث أن وجدنا النهضة منذ العام الأول (1950م) وهي تتنفس تنفس الزهرة حينما تخرج من برعمها فيعم شذاها ما حولها، ولذا تم اختيار هذه السنة لكتابة تاریخها باعتبارها بداية عمل ، ودلالة على الرغبة العارمة في اللحاق بقطار النهضة الذي تحرك في كافة أنحاء العالم بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها .

بدأت سنة 1950م في يوم الأحد، الموافق للثاني عشر من شهر ربيع الأول لسنة 1369 ه وانتهت في يوم الأحد، الموافق للثاني والعشرين من شهر ربيع الأول لسنة 1370 ه. ومنذ الشهر الأول من هذه السنة، وعلى التحقيق في يوم الأحد، التاسع والعشرين من شهر يناير بدأت الأحداث تتشكل في أفق الكويت وذلك حين توفي في هذا الشهر أمير البلاد الأسبق الشيخ أحمد الجابر الصباح ، وحل محله بعد ذلك بفترة وجيزة الشيخ عبدالله السالم الصباح الذي تم الاحتفال بتنصيبه في يوم الخامس والعشرين من شهر فبراير . ولذلك فقد كان القسم الأول من هذا الكتاب معبرا عن هذه الفترة . وذلك قبل الوصول إلى ذكر تسلسل الأحداث التي مرت بالبلاد حتى نهاية السنة ، وهي أحداث شملت وقائع سياسية واجتماعية وثقافية.