سلة التسوق الخاصة بك فارغة الآن.
الفردانية ظاهرة بدأت في الظهور عند الجيل الذي يعتنق قضيةً كبرى في يوم من الأيام ثم سرعان ما تتبدد أمام عينه، المعروف بجيل الألفية Millennials، الذي يقع مواليده بين عامي 1985م إلى 1996م. لكن الظاهرة تمددت إلى الأجيال الناشئة في العالم العربي، لا سيما جيل زي Generation Z الذي يبدأ من مواليد 1997م نزولًا إلى مواليد الألفينات، فقد نشأ هذا الجيل في بيئة لا تعرف نضالًا للقضية الفلسطينية أو للربيع العربي، ولا يوجد فيها معاني مثل المقاومة والتضحية والثورة والانتماء للمجموع.. إنه جيل تربى في كنف الفردانية ولم يحتك إلا نادرًا بأصحاب القضايا الأممية الكبرى، فلم يطّلع على طريقة لتنظيم حياته وترشيد سلوكياته سوى عبر الطريقة الفردانية. كما ساعدت السوشيال ميديا هذا الجيل في الاقتراب من ذاته والابتعاد عن أي انتماء جماعي آخر، فالشاب أو الفتاة يدخلون عالم الإنترنت لا ليبحثوا عن مجتمعات أكبر يغيرون فيها قناعاتهم ويندمجون فيها، بل يقتحمون الإنترنت بهدف تعزيز قناعاتهم الشخصية وإضفاء مزيد من الاهتمام والتركيز على ذاتهم وأفكارهم وقيمهم الخاصة. في هذا الكتاب سنتجول بين جيل التسعينات والثمانينات الذي عاصر أحداثًا جِسامًا ثم تقوقع وانشغل بتكوين أسرته وتأمين حياته الشخصية بعدما أفنى سنوات غالية من ريعان شبابه في نضال جماعي، وبين جيل الألفينات Generation Z الذي لم ير من الثورات سوى إخفاقاتها ومخلفاتها وتوابعها، فلم تتسن له فرصة اللحوق أو الاحتكاك الطويل برموز أو كيانات تعزز عنده قيمة الجماعة، فكانت النتيجة أن اتجه كلا الجيلين إلى سلوك نفس الطريق الفردي للوصول إلى نفس النهاية: الفردانية.