في عصرٍ تعاظمت معلوماته وتشعبت فنونه الحياتية، يزداد يوماً بعد يوم الإعتماد على التأطير الكتابي لتلك المعلومات والفنون. وفي عصرٍ أيضاً أصبحت فيه الكتابة ناموساً أصيلاً تستفئ الحضارة بظلاله ولا يمكن للأمم أن تحيا بعزة من دونه، صار من الغبن الكبير بل من الجور المحدق بكرامة الإنسان، أن يكون غير قادر على الإستجابة لتأطير ما يعمل أو يدرس كتابياً وبحسب الأصول، حتى تنتعش العلوم وتزدهر الأعمال ويستمر وصال الحضارة. فالطالب في مدرسته و الموظف في مؤسسته لا بد أنه كاتب في يوم ما ليجيب عن مسألة علمية أو مهنية من خلال المذكرات أو التقارير. فالمجتمع بأسره لا تستقيم حاله إلا إذا كان قادراً على تأطير أموره كتابياً. إن عالماً أصبحت تحكمه التقارير، وتحدد معالمه الإنسانية والجغرافية والإقتصادية والإجتماعية وريقات تصدر من هنا أو هناك، يحتم علينا أن نتعلم فن كتابة التقارير. فالتقرير لمن لا يعرف هو الأداة الكتابية الطيعة التي يحتاجها الطالب في كليته والعامل في مؤسسته والحاكم في قصره. فالتقرير أضحى الوسيلة الكتابية المؤطرة التي يعتد بها حتى في غزو البلدان وتنصيب الملوك! والتقرير هو الشكل المفضل للقادة للإطلاع على كل شاردة وواردة في ما استؤمنوا عليه من أمور قد تعظم أو تصغر. ولكن أي تقارير تلك التي تستطيع أن تفعل كل هذا الفعل؟ هذا ما سنحاول بإذن الله تعالى أن نجيب عليه بشئ من التفصيل بين طيات هذا الكتاب.