إنّ إقامة الدين وعدم التفرق فيه هو المقصد الأعظم لهذه الشـرعة، وهوالمشروع الرباني الذي أوقف الرسلُ حياتهم عليه، وبذل المهتدون لنصرته وعمـارة الحياة به مُهَجَهم وأموالهم. فاﷲ هو الذي شرع، وإقامة الدين هي المشروع، ولا يقوم دين ولا تُتَّقَى فُرْقَةٌ إلا على أصول بيّنة وقواعد راسخة. وقد بيّن الرسول عليه الصلاة والسلام الأصولَ، ورفع القواعـد وأوضح المسالك، فلا يزيغ عنها إلاّ هالك. وقد ورث الصحابة الدين كاملاً ، وتلقّوا النعمة تامّـة، فنصحوا وأوضـحوا واسترْعَوا عدول التابعين الأمانةَ فوَعَوها ورعوها وقاموا بحفظ الرسالة خير قيـام، وهكذا حمل الدينَ مِن كل خلَفٍ عُدولُه، حتى وصل إلينا سـالماً مـن الـدخَل والدخَن. وكان علم أصول الفقه وعلوم العربية وأصول الحديث حُرّاساً أوفياء للقـرآن والسنّة من كل دخيلٍ، وإنّ تجديد هذه الأصول لا يكون بالتبديل والتحريف، وإنّما يكون بالبناء عليها والأخذ بأيدي الطالبين حتى يصلوا إليها ويقفوا عليها. فالتجديد دعوة هادية لا دعوى هاوية، وسورٌ عاصم لا مِعولٌ هادم ، واقتفـاءٌ واتباع لا انقطاع وابتداع. ومنهاج النبوّة هو الأسوة والقدوة ، وهو الجامع المانع، وعليه نبني الأصول وبه نقيم العقول. ولقد وضعتُ هذا المختصر الأصولي لطلاب العلم المتوسطين؛ ليسهل علـيهم سلوك منهاج النبوة في الفهم، وقد سمّيته: التدريب الأصولي.