سلة التسوق الخاصة بك فارغة الآن.
على الرغم من أن «كارل فون كلاوسفيتس» قد ذكر في القرن التاسع عشر أن الحربَ استمرارٌ للسياسة ولكن بوسائل أخرى، فإن تلك المقولة تعكس بشكل أساسي ما يمكن تسميته بالدبلوماسية السلبية، التي ينبغي اللجوء إليها حينما تفشل الدبلوماسية البناءة والإيجابية فشلًا ذريعًا فقط. على أن الدبلوماسية الإيجابية والبناءة عادةً ما تخفق بسبب الافتقار لفهم القانون الدبلوماسي في الثقافات المختلفة، أو لوجود منظور موحد للدبلوماسية، وهذا هو السبب في أن المنظور العابر للثقافات والنظم القانونية للدبلوماسية والقانون الدبلوماسي أمرٌ شديد الأهمية في الأزمنة كافة.
ومع أن ميثاق الأمم المتحدة استُهِل بتصميم صريح للعمل من أجل “أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزانًا يعجز عنها الوصف”، فإن مما يستدعي السخرية أن الأمم لا تزال تعرض وتقيس قوتها بحيازتها للسلاح، وبقدرتها على إخضاع بعضها لبعض بالحرب، وليس بقدرتها على حل الصراعات والنزاعات بواسطة الدبلوماسية الإيجابية والبناءة.
ومن ثم يعتبر هذا الإسهام عن الشريعة الإسلامية والقانون الدبلوماسي الدولي أمرًا في منتهى الأهمية، خاصة فيما يتعلق بدعم السلم والأمن الدوليين في عالمنا اليوم. وبالنظر إلى نشوب العديد من الصراعات حول العالم في الأعوام الأخيرة، فقد تأخر للغاية إجراء هذا التحليل المقارَن المفصَّل عن مفهوم الدبلوماسية وممارستها، خاصةً من المنظور القانوني الإسلامي والدولي.
ورغم وجود العديد من الدراسات المنشورة في الماضي، التي استكشفت موضوع الدبلوماسية في ظل الشريعة الإسلامية أو القانون الدولي أو الحضارات الأخرى، كلًّا على حدة، يتضح بشكل جَلِيٍّ أن هذا العمل الحالي هو أول دراسة كاملة مُطَوَّلة في الآونة الأخيرة أجرت بحثًا معمقًا ومقارنًا بين الثقافات والنظم القانونية عن ذلك الموضوع في إطار الشريعة الإسلامية والقانون الدولي.
وبالنظر إلى الأهمية المتزايدة لتطوير الدبلوماسية والقانون الدبلوماسي من أجل الاستجابة للتحديات المعاصرة في العلاقات الدولية، يُسهم هذا الكتاب إسهامًا حقيقيًّا في تدعيم الدبلوماسية الإيجابية والبناءة، عن طريق تقديم تحليل مقارن دقيق لهذا الموضوع، فضلًا عن أطروحة التوافق والتكميل بين القانون الدبلوماسي الدولي والقانون الدبلوماسي الإسلامي. وبالتأكيد سيجد الأكاديميون والدبلوماسيون وصناع السياسة على حد سواء أن هذا العمل لا غنى عنه على مستوى النظرية وعلى مستوى الممارسة.