سلة التسوق الخاصة بك فارغة الآن.
هذا البحث بين أيدينا يحوي حديثاً طيباً عن نفس طيبة زكية، آمنت بيقين وانقادت باختيار، وأحلَّت حب النبي صفي سويدائها، وكان حبها عملاً واتباعاً، وقد صاغت حياتها وفق المنهج الإلهي الرباني القرآني النبوي، وأسهمت في بناء المسيرة الإسلامية التي بناها الباني الأول محمد ص.
إنه الحديث عن شخصية عم النبي ص العباس t، هذه الشخصية المظلومة والمهضوم حقها في مجال التأليف، مما دفعني للبحث في سيرة العباس t بجانب ما سبق؛ أن أحداً لم يُفرد له- فيما أعلم- تأليفاً مستقلاً مطبوعاً([1]) وبخاصة من المحدثين، وجلّ سيرته t مبثوثة ومتفرقة في مظانها من كتب الطبقات والسير والتراجم والتواريخ؛ فكان أن شمرت عن سواعد الجد مستلهماً من ربي المدد والتوفيق، مستشعراً الرهبة لمحاولتي الاقتراب من محراب وساحة عم النبي ص العباس t.
إن هذا البحث يكشف عن معالم السيادة التي ولد العباس t تحت ظلالها، وغذيّ بها، وشبّ تحت خمائلها. كما أنه يبرهن على عظمة عمّ النبي ص العباس t، ويثبت للقارئ أنه كان عظيماً بإيمانه، عظيماً بحبه للنبي ص وحبِّ النبي ص له، عظيماً بخلقه وفكره وحكمته وسعة عقله وسداد رأيه، عظيماً ببلاغته وبيانه، فرضي الله عنه وأرضاه.
إن حياة العباس صفحة مشرقة من صفحات تاريخنا الإسلامي الذي بهر كل تاريخ وفاقه، ولم تحوِ تواريخ الأمم مجتمعة بعض ما حوى من الشرف والمجد والإخلاص والجهاد والدعوة في سبيل الله، ولذلك قمت بتتبع أخباره وحياته وعصره في المصادر والمراجع واستخرجتها من بطون الكتب وقمت بترتيبها وتنسيقها وتوثيقها وتحليلها قدر المستطاع لكي تصبح في متناول الدعاة والخطباء والعلماء وطلاب العلم وعامة الناس لعلهم يستفيدون منها في حياتهم ويقتدون بها في أعمالهم فيكرمهم الله بالفوز في الدارين([2]).
(([1] ألَّف أبو القاسم إسماعيل بن أحمد السمرقندي جزءاً في فضائل العباس، أورد فيه قرابة العشرين رواية في فضل العباس، وهو في الأصل مخطوط في مجاميع المدرسة العمرية، الموجودة في المكتبة الظاهرية، رقم المجموع: 3754 عام [مجاميع 17] رقم المخطوط في المجموع: 15، عدد أوراق المخطوط: 8 (144-151) قام بنسخه مكتبة أحمد الخضري. وهو غير قادح فيما ذُكر أعلاه من أن أحداً لم يفرد العباس ببحث مستقل مطبوع؛ لأن الأمر لا يتعدى سوق بعض الفضائل والتي لا يمكن بحال اعتبارها تأليفاً مستقلاً شاملاً لحياة العباس من ميلاده إلى وفاته. وأظن هذا الجزء مقتطعاً من مؤلَّف عن فضائل الصحابة أو آل البيت بدلالة صغر حجمه (8 صفحات). وإلا ففضائل العباس في بعض المصنفات تعدت أضعاف عدد صفحات المخطوط. بما لا يمكن معه اعتباره مؤلَّفاً قادحاً فيما ذكرنا أعلاه.