يُعتبر أنطونيو بويرو باييخو الكاتب المسرحي الوحيد الحائز على جائزة سيرفانتيس منذ تأسيسها سنة 1976 إلى الآن، وتعتبر هذه الجائزة بمنزلة جائزة نوبل للأدب المكتوب بالإسبانية، إذ يتنافس عليها كل أدباء الدول العشرين الناطقة بالإسبانية، والتي غالبا ما يظفر بها كتاب لأجناس أدبية أخرى غير المسرح.
قرأ بويرو المسرح الإسباني والعالمي، وتعمق في دراسته، فوقف على نقاط قوة الكتاب المسرحيين فتبناها، ووقف على نقاط النقص فطورها، وتبحر في نظريات المسرح وحللها، فأخذ يكتب المسرح بموهبة فذة، فتبنى منذ بداية تجربته المسرحية ما يسمى «المسرح الممكن» بخلاف «المسرح غير الممكن» الذي نظّر له وبقوة ألفونسو ساستري. كما لم يفت الكاتب التنبه إلى التأثير القوي والثوري الذي أنتجته نظرية ومسرحيات بيرتولت بريشت، وخاصة تأثيرها فيما يسمى «المسرح التجريبي»، بما تحمله هذه النظرية البريشتية من أساليب متطورة في الكتابة المسرحية. غير أن بويرو لم يتفق مع بريشت في مسألة «التغريب»، فصنع لنفسه أسلوبا جديدا وقف عليه الناقد والباحث المسرحي ريكاردو دومينش فسك له اسم «تأثيرات الانغماس».
من بين إسهامات بويرو في كتابة المسرح، نجد مسرحيته «المؤسسة»، التي اعتبرت بإجماع النقاد من أهم وأروع ما كتب في المسرح، إذ ضمّنها الكاتب كل نظرياته في الأسلوب والشكل والمضمون، فبلغ فيها وبها أوج عطائه، وتمكن بها من بلوغ ما يصطلح عليه المسرح الشامل.
تبتدئ هذه المسرحية بوصف غرفة تُشعر بالراحتين النفسية والمادية، يشتركها شخصيات لها هموم ثقافية وعلمية مختلفة، لكن مع تسلسل الأحداث تتبدد فقاعة الوهم، لنكتشف أننا نرى بعيني توماس المصاب بالشيزوفرينيا، ونحس بأحاسيسه: (تأثيرات الانغماس)، وأن الأمر في «الحقيقة» يتعلق بزنزانة في السجن، يتقاسمها سجناء ينتظرون موعد إعدامهم...