علم المقاصد واحد من علوم الاجتهاد، والذي لا غنى للفقيه المجتهد عنه، وإن كانت نشأة علم مقاصد الشريعة جاءت في ثنايا علم أصول الفقه عند الحديث في العلة عن المناسب، إلا أن أصوله كانت ممتزجة مع أصول التشريع منذ الصدر الأول للإسلام، دون النص عليه صراحة، مع الإشارة إليه في مراحل متقدمة. وأضحى له مسارات تدريسية خاصة، وأنشأ له أقسام في الكليات الشرعية والإسلامية، وتخصص عدد كبير فيه خاصة في بلاد المغرب العربي، وكتبت فيه عشرات بل مئات الأطروحات في مرحلتي الماجستير والدكتوراه، التي تناولت إما مباحث من علم المقاصد، أو جهود العلماء فيه عبر الحقب التاريخية المتباينة، ومازلنا في هذه المرحلة التي تمثل مرحلة النضج في علم مقاصد الشريعة. ومقصود هذا الكتاب تيسير التعرف على علم المقاصد كمرحلة مبتدئة، فهو لا يعنى بالمتخصصين في علم المقاصد، وإنما لمن ليس له به سابق معرفة، بطريقة تعليمية، فهو ليس كتابا بحثيا، ولا مرجعا علميا في الحقل الأكاديمي. وقد سميته (بداية القاصد إلى علم المقاصد) جريا على سيرة سلفنا الصالح فيما كانوا يكتبونه للمبتدئين من طلاب العلم. هذا، وقد قدمت لهذا الكتاب بوضع متن في علم المقاصد، أسميته (الورقات في المقاصد) دعت إليه الحاجة من خلو الساحة من متن في علم المقاصد، فأردت أن أبين جملة من مباحث هذا العلم المنيف، منبها على فضله الشريف، لما له من مكانة في الشريعة سامية، ولما لإدراكه من الغايات العالية.