تاريخ الأمم يرتبط بحضارتها، وحضارة الأمم ترتبط بمنتجاتها الخالدة، ومن أبرز ما يعتدُّ به كمنتج خالد هو الكتاب بما يحويه من فكر وعلم ومعرفة، ومما يراه كل بصير أن الأمم جُبلت على محاربة كل جديد في غالب أمرها، والطباعة كمنتج جديد وحضاري رائع، قد رفضته الكثير من الأمم ولم تتقبله في بداياته، إما بدافع الروتينية الاجتماعية، أو بدافع الاستبداد والحرص على دفن الشعوب في حفر الجهل، لضمان الولاء المطلق إذ يلتصق دوما الولاء المطلق بالجهل المطبق، يقول خليل صابات : "لا يخفى على أحد أن الأمة المتعلمة تأبى الضيم ويصعب حكمها حكماً استبدادياً". إن الكتابة
اسم المنتج:لمحات من تاريخ صناعة الكتاب خلال ٥٠٠ سنة
تاريخ الأمم يرتبط بحضارتها، وحضارة الأمم ترتبط بمنتجاتها الخالدة، ومن أبرز ما يعتدُّ به كمنتج خالد هو الكتاب بما يحويه من فكر وعلم ومعرفة، ومما يراه كل بصير أن الأمم جُبلت على محاربة كل جديد في غالب أمرها، والطباعة كمنتج جديد وحضاري رائع، قد رفضته الكثير من الأمم ولم تتقبله في بداياته، إما بدافع الروتينية الاجتماعية، أو بدافع الاستبداد والحرص على دفن الشعوب في حفر الجهل، لضمان الولاء المطلق إذ يلتصق دوما الولاء المطلق بالجهل المطبق، يقول خليل صابات : "لا يخفى على أحد أن الأمة المتعلمة تأبى الضيم ويصعب حكمها حكماً استبدادياً". إن الكتابة عن تاريخ الطباعة والنشر، فيها شيء من التداخل، إذ عندما نشأ فن الطباعة كان قد سبقه مجال النشر بقرون كثيرة، فالتصقت الطباعة بالنشر فور ابتكارها؛ لأن صنعة نشر الكتب لم تكن مستقلة في يوم من الأيام، بل كانت قبل نشوء الطباعة ملتصقة بالنسخ، فكان نساخ الكتب هم من يقوم بجمع الكتب من مؤلفيها وبائعيها، فيعرضونها في بسطاتهم وأكشاكهم وحوانيتهم للبيع تارة، وللنسخ تارة أخرى، فدامت العلاقة بين النشر والنسخ قرون من الزمان، حتى أطل علينا القرن الخامس عشر الميلادي، حين انطلق المارد الحضاري الجديد فالتصق به النشر، فصارا أخوين وصنوين، بل ازداد النشر قوة يوماً بعد يوم، يستمد قوته من قوة فن الطباعة، المارد الذي انطلق يتقوى ويسيطر على مفاصل الثقافة والعلم والمعرفة ، باعتباره أداة جبارة، وقناة فياضة، وطريق سلس وسريع لانتشار الفكر والمعرفة.