هذا الكتاب لقد هدفت في كتابي هذا إلى أن أبرهن على أن الإسلام والعلم يتكاملان ولا يتعارضان، من خلال استنباط نظرية المعرفة من مباحث علم أصول الفقه، حيث تتجلى فيها الحدود الفاصلة بين ميدان العلم وميدان الدين، ووجه تأثُّر كل منهما بالآخر، ببسط منطق التفكير الأصولي تجاه كل منهما، ليكون بمثابة برهان تطبيقي عملي على التوافق بين العلم والدين الإسلامي. كما هدف الكتاب إلى بيان أن الفقه الإسلامي يقوم على أساس منهج علمي متين، وأنه ليس ضربا من الكهانة التي تقوم عليها بعض الأديان، من خلال تحليل طرق إنتاج المعرفة الفقهية المستمدة من نصوص الشريعة، بما يظهر للقارئ قيامها على أساس علمي خال من التكهن والأساطير وتحكُّم رجال الدين. وبجانب هذا حاولت أن أقدم بعض مباحث علم أصول الفقه الإسلامي بثوب معاصر، يلامس قضايا العصر ويتناغم مع منطقه وتفكيره، ليثير شغف المثقف ويشبع حاجة المتخصِّص. إن علم أصول الفقه الإسلامي من أهم العلوم الدينية؛ لأنه يشكِّل العقل المسلم ويرسم له منهجا في التفكير والتعامل مع مصادر الدين -القرآن الكريم والسنة النبوية-، وأرجو أن يجلي الكتاب هذه الحقيقة بصورة عملية من خلال عرض مباحث علم أصول الفقه الإسلامي في ضوء نظرية المعرفة، وهي طريقة في التأليف تلبي الدعوات إلى الدمج بين العلوم الإنسانية في بحث القضايا المشتركة لتحقيق التكامل المعرفي.