لقد ترسّخ في وجدان الشاعر المخضرم فى صدر الإسلام أن التقاليد الفنية التي تربى عليها في الجاهلية تعد معيارًا للجودة الفنية، ومن ثم فقد بات من الصعوبة بمكان أن يتخلّى عنها بعد دخوله الإسلام، وتناوله موضوعات جديدة لم تكن موجودة في العصر الجاهلي، ولهذا كان عليه أن يوظف هذه التقاليد يى التعبير عن هذه الموضوعات. ونحن نحاول -في هذه الدراسة- أن نتبين كيفية هذا التوظيف في قصيدتين من أشهر قصائد الشعر في صدر الإسلام، وهما: قصيدة: «عفت ذات الأصابع» لحسان بن ثابت، وقصيدة : «بانت سعاد» لكعب بن زهير . وقد قدمنا بين يدى الدراسة تمهيدًا عَرَضنا فيه نقطتين: أما الأولى، فتتناول العلاقة بين التقاليد الفنية ومعايير الجودة الفنية ، وأما الثانية، فتتناول التقاليد الفنية بين التحجر والمرونة، وجاء الفصل الأول ليبين موقف الباحثين من توظيف التقاليد الفنية في الشعر الإسلامي وفي القصيدتين المذكورتين، ثم عرضنا في الفصل الثاني لكيفية توظيف التقاليد الفنية في التعبير عن المضمون الإسلامي في قصيدة «عفت ذات الأصابع»، ووقفنا في الفصل الثالث أمام بعض الملاحظات بين يدي قصيدة «بانت سعاد»، ثم بينا في الفصل الرابع كيفية توظيف التقاليد الفنية في التعبير عن المضمون الإسلامي في هذه القصيدة، وقد حرصنا في هذه الدراسة على تتبّع وجهات النظر المختلفة ومناقشتها، والاعتماد على المصادر الأساسية قديمًا وحديثًا.