هذه مذكرة تأسيسية في القواعد الفقهية الخمس الكبرى، التي لا يسع طالب العلم المتبصر في دينه أن يجهلها، وهي تمثل اللبنة الأساسية والانطلاقة الأولى لمن أراد دراسة القواعد الفقهية أدلةً وأمثلةً، اجتهدت في إعدادها لتكون سهلة المنال واضحة المثال. وقد كانت هذه المذكرة في بدايتها نواة لدورات علمية ألقيتها خلال السنوات الماضية في مسجد «وائل بن حجر»، ضمن الأنشطة العلمية لإدارة مساجد محافظة الجهراء، وكذلك في دار القرآن بمركز القصر (نساء/مسائي)، وأيضاً في مركز حسن منَّاع (نساء/صباحي) بمحافظة الفروانية، والأخيران تابعان لإدارة الدراسات الإسلامية بوزارة الأوقاف الكويتية. ثم إن بعض الأحبة من الفضلاء اقترح عليَّ أن أطبعها في كتاب؛ لتعم الفائدة، فلم يسعني مخالفته، وانقدح زناد الفكرة في رأسي، فشرح الله صدري لذلك، فبدأت في تهذيبها وتنقيحها مع بعض الإضافات التي تخدم المادة العلمية؛ لتظهر في ثوب قشيب، يناسب نظر القارئ الأريب، ويفتح قريحة المستفيد اللبيب. وآثرت أن تكون مختصرةً -قدر الإمكان- اختصارًا غير مخل، متحاشيًا التطويل الممل، وكما يقول المرداوي رحمه الله: «فإن حفظ المختصر أيسر وأسهل وأهون على النفوس، فإن الكتاب المطوّل في هذه الأزمنة ولا سيّما في أصول الفقه لا يُرغب فيه ولا يُقرأ، فضلاً عن أن يُحفظ، فإن الهمم قد قصرت، والبواعث قد فترت». فمن أراد الاقتصار على هذه المذكرة التأسيسية فهو كالمقتصد؛ لأنها تعتبر الحد الأدنى في معرفة القواعد الفقهية، ومن بنى عليها متوسعًا طالبًا للمزيد فهو كالسابق بالخيرات، وكلُّ ضارب بسهمه في الخير، فدونك يا طالب العلم لا تفوتنّك هذه الغنيمة، وهذا المغتسل البارد والشراب. وأيّا كان الأمر فإن دراسة القواعد الفقهية لا غنى لطالب العلم عنها؛ لما فيها من بيان شمول الشريعة وعمومها ويسرها ورفقها بالمكلف.