سلة التسوق الخاصة بك فارغة الآن.
وضعت في اهتمامي - دائما - رصد اللهجة الكويتية ومقارنتها باللغة العربية الفصحى، وذلك من أجل الاستدلال على أصول لهجتنا والبعد بها عن غيرها من اللهجات المتأثرة بألفاظ غير عربية. ولا غرابة في أن تكون كل الدلائل تصل بنا إلى الأصول العربية لما ننطق به في لهجتنا فبلادنا (الكويت) جزء من جزيرة العرب، وأهلها الأقدمون لا ينفصمون عن أصولهم العربية، ولا عن الألفاظ الفصيحة التي ورثوها ممن سبقهم من أهلهم. وقد تم إيضاح ذلك في مواضع كثيرة تم نشرها ومنها كتابنا: «الكويت عبر القرون» الذي صدر في سنة ۲۰۰۱م. وقد تناول التاريخ القديم للكويت ثم عرج على التاريخ العربي الذي شهدته أرضها بما في ذلك ما مر عليها في العصر الإسلامي.
إذن !! فلا منازعة في أصول الكويت، ولا في لغتها ولا لهجة أهلها التي انبثقت من اللغة الفصحى الأم. ومما ينبغي علينا هو أن نحافظ على هذا الإرث الثقافي المهم. فاللغة عنوان البلاد وحاضنة العلم والثقافة والأدب، أما اللهجة فهي فرع لا ينكر من أصل اللغة، وفيها ألفاظ كثيرة تتشابه معها إن لم تكن طبق الأصل من ألفاظها، ولقد وجدنا في هذه اللهجة اتجاها إلى الأدب كما نرى في الشعر الشعبي (النبطي)، وكما نرى في الحكايات الشعبية التي يرددها الناس في مجالسهم الخاصة، وبهذا يتبين لنا أن لهجتنا لهجة حية متماسكة، مرتبطة بأمها بأقوى رباط. ومع شديد الأسف فإننا نجد كثيراً من أبنائنا يتخلون عن لهجة وطنهم، ويطمسونها، وبخلطها مع ألفاظ من لهجات أخرى، بل ولغات أخرى. حتى صرنا إذا استمعنا إلى بعض الأحاديث ضاقت نفوسنا بما نسمع بسبب هجر اللغة الفصحى، وهجر اللهجة الكويتية معها في وقت ينبغي فيه أن نحرص على تراثنا. ومما يؤسف له أن بعض من شغلوا أنفسهم بالحديث عن اللهجة على أية صورة كان هذا الإنشغال يعتمدون على آرائهم الشخصية في تفسير معاني الألفاظ مما خرج باللهجة عن أصولها، فصارت خليطا تأنف النفس من سماعة ويعجب المرء من الجرأة التي يتصف بهذا هذا المنشغل باللهجة على ما بين يديه منها. فإذا كان هذا هو الموقف في أيامنا هذه فكيف سيكون في مستقبل الأيام حين يفرط الجميع بلهجة وطنهم؟
لعل هذا التخوف هو الذي دفعني إلى الإهتمام باللهجة الكويتية فيما كتبته عنها منذ مدة طويلة سواء أكان ذلك عن طريق المقالات أم عن طريق الكتب التي كان منها ما يدل على أهمية الحفاظ على لهجة بلادنا بصفتها تمثل ثقافة أهل البلاد، وهي سر ترابطهم. لهجتنا أمانة بين أيدينا ينبغي أن نهتم بها، وأن نحرص على ألا تختلط بغيرها ما لم يكن ما تختلط به هو من ألفاظ اللغة العربية الفصحى. كما ينبغي أن يُنبه بعضنا بعضا إلى كل خلل نسمعه من أي متحدث يخطئ أو يخلط ألفاظا غريبة بألفاظ لهجتنا. وهذا الكتاب الذي أضعه اليوم بين يدي القارئ إنما هو إشارة إلى أهمية ما ذكرته في هذا التقديم، وعرض للهجة من جوانب عدة. وأرجو أن أجد من يهتم مثل اهتمامي هذا بلهجته ويصونها عن الاختلاط بغيرها حتى لا تمحى مع مررو الوقت. ومن هنا نبدأ.