«الأخوان»
أجمع النقاد على بساطة حبكة مسرحية «الأخوان»، مع تأكيد تعقد شخصياتها، ويقصد بذلك الجوانب النفسية وما يطرأ عليها من تغييرات، وهذا بدوره يضفي عليها إثارة وتميزًا. ونرى الشيخين ديميا وميكيو، حيث يتزوج الأول وينجب ولدين، أما الآخر فيعرض عن الزواج. ويرسل ديميا، الذي يعيش في الريف، ابنه الأكبر أيسخينوس ليعيش في المدينة مع عمه ميكيو، ويبقى الولد الأصغر كتيسيفو مع أبيه في الريف ليعيش حياة خشنة بكل ما فيها من مفردات وتفاصيل، على النقيض تمامًا من رغد العيش الذي يتمتع به أيسخينوس في المدينة بكل ما تحفل به من تحرر وانطلاق، وهذا ما يراه ديميا مفسدة وإسرافًا في الملذات. وكما جرت العادة ينزلق الشابان في قصتي حب: يقع أيسخينوس في حب فتاة يتيمة، حملت منه سفاحًا، ونعرف من بداية المسرحية أنها ستضع حملها بين لحظة وأخرى، أما كتيسيفو فيقع في هوى محظية يملكها النخاس سانيو، ولكنه يعاني الحرمان وضيق ذات اليد مع والده المتقشف، بما لا يمكنه من دفع مال للقواد نظير الحصول على الفتاة، فيضطر إلى اختطافها وهي مهمة يتولاها عنه شقيقه أيسخينوس. وتتصاعد الأحداث عندما يصل إلى سوستراتا خبر اختطاف الفتاة على يد أيسخينوس في الوقت الذي بدأت آلام المخاض تلازم ابنتها، وتعبث الظنون برأسها لتقول لنفسها إن أيسخينوس حنث بالوعد الذي قطعه على نفسه. ثم نأتي لذروة ما يعرف بتبدل الأدوار الذي يتجلى فيما يبديه ديميا من عطف وكرم، ويشرع في إتمام مراسم الزواج بحضور بامفيلا إلى منزل ميكيو، ويقترح على شقيقه ميكيو الزواج من سوستراتا الأرملة العجوز.
«الحماة»
لا يماري أحد في روعة حبكة مسرحية «الحماة» وتميزها، وأنها لم تحدث الالتباس المألوف في أذهان المشاهدين، بالرغم مما تحدثه من إثارة في البداية ببقاء بعض التفاصيل خفية عليهم. وتدور أحداث المسرحية حول الشاب بامفيلوس الذي كان قبل زواجه من فيلومينا، على علاقة بمحظية تدعى باخيس. وقد تزوج من فيلومينا نزولاً على رغبة والده، ونراه يتحين الفرص لهجر زوجته لبعض الوقت، فيذهب ذات رحلة للنظر في أمر إرث للعائلة. وعلى غير المعتاد تبدأ المسرحية بقصة زواج تم بالفعل، ولا يبدو ثمة صراع وتصاعد للأحداث التي تتوج بإتمام هذا الزواج بين عاشقين، ولذلك تعد المسرحية خروجًا عن المألوف لدى ترنتيوس وفي مجمل الأعمال الكوميدية. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، نراها تتجاوز النمط المألوف عن شخصية الحماة في الكوميديا، التي تبدو في الغالب مصدر إزعاج، حيث نرى سوستراتا (أم بامفيلوس) تلك الشخصية المسالمة الوديعة التي تؤثر راحة ابنها وراحة باله على راحتها الشخصية، وتقرر الابتعاد عن البيت لتعيش في الريف. وتتفاقم الأحداث بعودة بامفيلوس، وتلد له فيلومينا ولدًا، فيزداد ابتعادًا عن زوجته، لأنه يعلم يقينًا أن هذا الابن ليس من صلبه دونما أن يصرح لأحد بذلك . وعندما تذهب باخيس لمقابلة أم فيلومينا، ترى مصادفة في يدها خاتم ابنتها فيلومينا وتتكشف الأمور شيئًا فشيئًا، وتخبرها أن بامفيلوس قدمه هدية لها، وأخبرها أنه انتزعه من يد فتاة كان قد اعتدى على شرفها من قبل، ومن ثم يتأكد بامفيلوس أنه والد الطفل ويعود الوئام لأسرته.