العناية بالأطفال من هدي النبي ﷺ، فقد كان لهم في حياته مكانة خاصة تدل على كمال رحمته، وجليل عنايته بهم، ولقد كان من مظاهر اهتمامه بهم: غرس ثوابت الدين في نفوسهم، وتحليتهم بمكارم الأخلاق، ورعاية مشاعرهم ومراحل أعمارهم، وتعليمهم ما يعونه ويطيقونه. ولا يخفى ما للحفظ من أهمية في تثبيت العلوم، لا سيما في الصغر، كما قال قتادة السدوسي: (الحفظ في الصِغَر كالنقش في الحَجَر)، ولقد اهتم علماء الأمة في أطوارها الماضية في تقريب العلوم، وتسهيلها –لاسيما حفظ الحديث النبوي-، ابتداء من مراحل متقدمة في حياة النشأ، لكن كثيراً منهم اعتمد في ذلك مبدأ الموضوع –وهو حسن-، غير أن أطفال السادسة والسابعة –وربما إلى التاسعة- يصعب عليهم حفظ الأحاديث المتوسطة والطويلة خصوصاً مع اختلاف الرواة وتنوع المخرجين لها؛ مما كان يضطرني عند ممارسة ذلك إلى اختيار الأحاديث القصيرة جداً، والتي تتراوح ألفاظها بين الكلمتين والسطر، مع اعتماد راوٍ واحد مما أخرج له الشيخان (البخاري ومسلم)؛ ليكون ذلك أيسر في الحفظ، وأجمع للذهن، على ما فيه من تمرين الذاكرة، والتدرج في التعليم، ولا يخلو حديث مهما قصر من حُكم أو أدب أو خلق أو قيمة، ينشأ عليها الصبي، مخلوطة بدمه ولحمه.